الاثنين، نوفمبر 28، 2011

أجازة

"ثمّة صمت لابد لنا أن نسمعه"

إبراهيم نصر الله - زيتون الشوارع

حول الإكئتاب

تتسم طبيعة مرضى الإكئتاب بالتطرف في أغلب الحالات، كفقدان الشهية أو إقبال شره على تناول الطعام، الأرق أو كثرة النوم، الإمتناع التام عن العمل أو الإستغراق في العمل، الإنزواء والعزلة أو الإنخراط المفرط في الأنشطة والدوائر الإجتماعية. ويفسر الأطباء جميع هذه الأفعال عادةً بمحاولة هروب من تردي الحالة النفسية.

ما هي الطريقة الأمثل لمعالجة الإكئتاب؟ أرسلوا إجاباتكم على صفر تسعمائة ثلاثة أصفار فربما أسهمتم في نجدة إنسان تعيس.

السبت، نوفمبر 26، 2011

ويولد جمال مروّع !

من الذي قال "الحب موت صغير"؟ هل صحيح أن الإنفجار العظيم نتج عن لحظة عاطفية عنيفة؟ وهل حقًا ستقوم الساعة بنفس الطريقة؟ من قائل "لم يخلق الرحمن أجمل منظرًا من عاشقين في سريرٍ واحدٍ"؟ ولماذا لا يستبدل الإنسان صناعة الحروب وأسلحة القتل والقمع بممارسة الجنس؟ ماذا لو كان الإفراط في العشق هو المتسبب في قتل شهداء التحرير؟ ألأنهم أعطوا كل شئ لم يتبق لهم شئ؟ وكيف حلّت في وجوههم كل هذه الفتوة والنضارة رغم غياب الروح عن أجسادهم؟

* العنوان من قصيدة لويليام باتلر ييتس 

قليل من الحب، كثير من العنف*

فلتغن وحدك إذا أردت، فلا أحد مثلك استطاع أن يمتص كائنًا إنسانيًا بكامله.
 *

في لقاءنا الأخير، كنت تحكي لي عن اللامبالاة كطريقة للنجاة، لم أستمع إليك، وقررت أن أنجو بمفردي.

*

تستيقظ كل صباح أشواقًا جديدة إليك تدفع الكراهية بعيدًا عني، لكنها تصدأ بطول غيابك، فتسمم الوقت وتقطع الآمال.
 *

سأنطفأ قليلاً. سأنطفأ طويلاً. لكن هذا لن يدم حتى الأبد.
أو كما قال أخي:
آل الحاج أناسٌ سعداء بشكلٍ عام.

 *

أذكر ما قلته قبلاً عن ضعفي: "هناك الكثير من العتمة لا أستطيع أن أبددها وحدي، فيضانات من الدموع لا أستطيع أن أبكيها وحدي، جبال من الآلام لا أستطيع أن أحملها وحدي". ثم أفكر أن كل هذا هو بعض من الأسى المطلوب لتهذيب القلب.

 *

وماذا أريد أن أقول أيضًا؟ 
كل شئ.. ولا شئ.

 *

الحب أصعب، البعد أرحم.


* عنوان رواية لفتحي غانم

الجمعة، نوفمبر 25، 2011

فيما قاله جرامشي بشأن تشاؤم الفكر وتفاؤل الإرادة

بينما يجدد الشعب ثورته ويواصل إسقاط النظام، ترن في عقلي عبارة لا أذكر قائلها، ربما ماو تسي تونج، "أنا متشائم تكتيكيًا، متفائل استراتيجيًا".

وأفسر هذا قائلاً أن تفاؤل الفلسفة الاجتماعية للنشاط السياسي تولد القدرة على الإستمرار نحو غاياتنا الثورية، بالرغم من الرؤية الواقعية/ الوقائعية الضيقة التي دائمًا ما تصيبنا بالإحباط وتذكرنا بيأسنا الميتافيزيقي العميق.

كولاج

-نص مشترك مع صديقتي نادية أحمد-

.
سطوع الشمس لا يوقظ الموتى

-1-
حتى في هذا الركن المظلم من العالم، أفشل في الإبتعاد عن أشواك الذاكرة والغرق في سُبات طويل.

~
لا اشتاق للنوستالجيا. من السىء أن نُحرّك الماء الراكد.
لا حاجة بى لرؤية القاع.

-2-
بعد انقضاء النهار الخريفي القصير، سيأتي الأسى ويربت على كتفي برفق، ويصطحبني معه إلى ليلٍ حالكٍ سيتمد إلى تسعين يومًا قادمين.

~
تقول الأسطورة أن إيقاع المرء الحيوي ينخفض كثيراً قبل الموت. إن صدقت الأسطورة فقد قُبضت روحي منذ أسبوعين.

-3-
توقفت عقارب الساعات في عزلتي، فرسمت خطًا طوليًا عند السادسة مساءً وكتبت تحته "كل الذي كان حقيقيًا أصبح الآن جديرًا بالنسيان".

~
أُقرّر أن ابقى للسادسة، من أجل بعض القهوة فى الشرفة مع فيروز.
السادسة إلا الربع: نفد البن.

-4-
مررتُ على أغنيةٍ قديمةٍ، تفتحت بها أصابعي القابضة على قلبي، وبُعث حديد الصدر حيًا وتنفس، لكن القلب نفسه كان ذابلاً.

~
من الغريب كيف تتداعى الأشياء بين يوم وليلة.
من الممتع مشاهدة ما يُبنى من جديد.

الاثنين، نوفمبر 21، 2011

رسالة إلى المجلس

أيها السادة الكلاب، شخرة حلقية مدوية وبعد.

نحن مواطنون عزل إلا من صمودنا وعنفنا النقي، نرج مراجل الروح المعبأة بالقهر قبل الإستعمال ونقذفها حارقة في وجه مدرعاتكم. في يوم غير بعيد سنعتلي جثثكم كما اعتلى أجدادنا ظهور السباع في الجداريات الشعبية.

وحتى ذلك الحين.. دمتم بسوء يا أولاد القحاب.

الخميس، نوفمبر 17، 2011

وجه لروحي الداخلية/ الخارجية

لا مفر من أن أكون ما أنا عليه.
ولد مليودرامي ثقيل الظل نشأ على تراث من القصص الرومانسية الساذجة فأصبح هش عاطفيًا. يتمنى لو كان أقل إنطوائية وأكثر إقدامًا، ويرى نفسه أحمقًا لأنه اعتقد لسنوات عدة أن الخفة أمرٌ مبالغ في تقديره. يحب وحدته أحيانًا، ويكره صورته في المرآة دائمًا.

الأربعاء، نوفمبر 16، 2011

مدفعية ثقيلة

- هل نمت جيدًا ليلة أمس؟
- هممم.. لا.
- كوابيس؟
- ...
- خيرًا! أترغب في الحكي؟
- لا وقت لدي، عندي محاضرات.
- حسين.. إنها لا زالت السابعة!
- هممم..

كنت أقف في الدور الأخير من مدرستي الإبتدائية وحدي، لكني صغرت عشرة أعوام على الأقل. كان الوقت نهارًا، ورأيت من النافذة طائرات حربية تحلق في الجو على ارتفاع منخفض وتلقي قنابلها على حي الدقي. شاهدت صواريخ تنطلق من داير الناحية محاولة صيدهم، في حين كان هناك دخان أسود يتصاعد من مأذنة جامع أسد بن الفرات. عندما رآني الأستاذ "إسماعيل الخشن" واقفًا وحدي صرخ في هلع وحملني مسرعًا إلى الحوش الأسفل. لكني كنت هادئًا تمامًا، ربما لأن هناك لحن أغنية أجنبية كان يتردد في ذهني بلا توقف.

لما وصلت سليمًا وجدتهم أغلقوا باب المدرسة وجمعوا كل التلاميذ في الحوش، كان الجميع يرتعش من الخوف والفزع والبكاء. سمعنا بعد لحظة صفارة طويلة أعقبها انفجار هائل، كانت إحدى الطائرات ضربت شقة من شقق العمارة المقابلة للمدرسة وأشعلتها. تقدمت ناحية السور حتى أرى النيران جيدًا فأمسكت "ميس إيمان" يدي وقالت أنهم يحاولون إصابة مدفعية مدرسة أبو بكر الصديق المجاورة التي تقاوم طائرات العدو وتصطادها، ثم هتفت في جميع التلاميذ أن يأدوا النشيد الوطني بصوتٍ عالٍ، لكن صوت الأغنية في ذهني ظل يعلو أكثر وأكثر.
...
ثم استيقظت.

حلمٌ آخر...

كنت خارجًا من محل البقالة الملحق بمحطة الوقود الخالية عندما وجدتها واقفة أمامي. كان ظلام الليل يغشي نصفها العلوي بينما استطعت رؤية قدميها وأطراف ثيابها في ضوء النيون الأبيض الصادر من المحل. أوقفتني نظرتها المتحدية التي اخترقت روحي بالكامل، اقشعر بدني كله وارتخت قبضتي الممسكة على السجائر التي اشتريتها لثانية من الزمن، شعرت بغصة في حلقي كأن شيئًا ما صعد من أحشائي وحشر في عنقي أثناء خروجه، لكني بقيت ساكنًا رغم ذلك.

قطعت أغنية "واحشني إيه؟" التي ارتفع صوتها فجأة من راديو المحل الصمت بسكينٍ حادٍ لكنها زادت الموقف غرابة، فكرت قليلاً بقلبٍ مرتعش في سبب ظهورها المفاجئ، ووددت لو أسألها عن علّة حضورها، ثم قررت الخروج من هذا الوضع الحرج دون كلمة واحدة. وضعت السجائر في جيب معطفي واتجهت بخطى واثقة مستقيمة نحو سيارتي، ظلت تتبعني بعينيها حتى تجاوزتها تمامًا. بعد دقيقة، كنت قد أدرت محرك السيارة وانطلقت بعيدًا عن المكان كله.

قبل أن تبتعد الأشياء وتصغر في مرآة السيارة الداخلية، رأيتها واقفة وحدها خارج المحطة في منتصف الشارع والنسيم الليلي يدفع أطراف ثيابها إلى الأمام.

الثلاثاء، نوفمبر 15، 2011

كم كان مؤلمًا حقًا!

الفتاةُ ذات القَلبِ الحَجَري، تتسكعُ في حجراتِ الروحِ. تركلُ الأبوابَ بعنفِ، تُرخي السَتائرَ، وتُطفئ أنوارَ العيونِ، وتغادرها مُظلمةً.

الأحد، نوفمبر 13، 2011

ألغاز نهارية!

.../

لم أفهم قول أراجون "لا أستطيع أن أحبك ما دمت أحبك".. بل أفكر "أستطيع دائمًا أن أحبك ما دمت لا أحبك!"، وأتساءل: كم سيكلفك أن تحبّيني كما أحبك؟ كيف لا أستحق حبك بقلبٍ صافٍ؟ هل أجرب اكتساب موقعًا في مستقبلك ولا أورد نفسي مورد تهلكة؟

لكن الحب لا يتعلق بالإستحقاق والجدارة أو الكسب والخسارة، ولذلك، لا يهم أن أحبك ما دمت أحبك!

...\

الجمعة، نوفمبر 11، 2011

تفاصيل أخرى لم يتضمنها الحلم رقم 159*

رأيت فيما يرى النائم أني كنت أنتظر فتاتي التي دبرت معها موعدًا نهاريًا في شقتي، كان طيف الفتاة التي أحببتها يشاغلني أثناء انتظاري ويمر أمام ناظريّ وخلف ظهري كثيرًا، ألمحه يعبرني سريعًا فلا أتمكن من التحقق منه.

سمعت رنين هاتفي المحمول فعلمت أن فتاتي شارفت على الحضور، خرجت من الشقة ووقفت عند الدرج، كان ضوء النهار ينيره بلون أبيضٍ أشعرني ببهجة مفاجئة، ثم سمعت حذاء نسائيًا يهبط الدرج وخفت أن تكون إحدى جاراتي وتصادف فتاتي الصاعدة فتجرحها بنظراتها الفضولية، لكن وجدت أن فتاتي هي التي تهبط الدرجات وكعاب حذائها الدقيقة تصدر طقطقة عالية مدوية أشعلت فيَّ رغبة شديدة تجاهها، كانت ترتدي فستان برتقاليًا خفيفًا يبرز مفاتن قوامها الممشوق. عندما توقفت ابتسمت ثم جذبت بضعة خصلات شعرها خلف أذنها في حركة عصبية خجولة متوترة.

أثناء ما كان طيف الفتاة الأخرى يعابثني بمروره الكثيف كانت فتاتي تتجول في أرجاء الشقة، توقفت أمام إحدى الغرف المغلقة وفتحتها، وألقت نظرة سريعة داخلها ثم سألتني بتلهف ملأ عينيها وصوتها، "هي دي أوضتك؟"، لجمت ولم أستطع إجابتها لأنني كنت مشغولاً بطيف الفتاة الأخرى الذي وقف للحظة حائلاً بيني وبينها.


*  حلم 159 من "أحلام فترة النقاهة" لنجيب محفوظ

11 / 11 / 2011

أتنفس قرآن الجمعة، أجالس آلامي، أدلل نفسي، أمشي وحيدًا، ولا أعود من حيث خرجت.

ينقطع الرجاء بانقطاع الوصل، وتنقطع الحيرة بقطع الإنتظار.

الخميس، نوفمبر 10، 2011

تعليق عابر على رواية "ثلاث سنوات"

في الفصل الأخير من رواية "ثلاث سنوات" لأنطون تشيخوف، تتبدل حياة "ألكسي لابتيف" كليةً، فيمسي برجوازيًا خالصًا ويحيا حياة رغدة، لكن شغفه بزوجه "يوليا" التي سعى وراء حبها قبل ثلاث سنوات صار يتضاءل تدريجيًا، بينما أخذت عاطفة "يوليا" تكبر نحوه.

يدرك تشيخوف أن من الصعب على الإنسان الحفاظ استقامته الذاتية في ظل تغير العوامل الإجتماعية، ويعلق في سياق آخر على رواية "أسرة بولونتسكي" لسينكيفكز قائلاً: "هدف الرواية هو هدهدة البرجوازية لتستغرق في النوم برفقة أحلامها الذهبية. لتخلص لزوجتك، ولتصل معها فوق كتاب الصلوات، ولتكسب مالاً، ولتحب الرياضة، وسيكون كل شئ على ما يرام في هذا العالم والعالم الآخر." ومن الواضح أنه لم يكن يحب البرجوازية وقيمها التي تحرص على مثالية زائفة بأساليب خادعة أحيانًا وقمعية في أحيان أخرى، ويعقب قائلاً "إن البرجوازية شديدة الهيام بما يسمى بالنماذج الإيجابية، والروايات ذات النهايات السعيدة طالما كانت تنافقها بفكرة أنه من الممكن أن يكدس الإنسان المال ويحتفظ في الوقت نفسه ببراءته، أي يكون وحشاً وسعيداً في ذات الوقت".

قد تستمد القيم البرجوازية قوتها من موروثات بالية مثل الدين أو التقاليد/ الأصول/ العادات أو من موروثات أكثر حداثة مثل الأيديولوجيات، لكنها تبقى في النهاية قيم رجعية تكبت حرية الفرد وتعوق تقدم المجتمع ككل، لأنها ستظل تفرض إجاباتها المستهلكة على الأسئلة الشائكة دون أدنى تقدير لحجم الخطأ الذي تقع فيه من أجل سعادة يصعب نيلها بالأكاذيب والحلول السهلة.

وأنتَ يا رفيقي الجميل، لعلك أحببت فتاة عصية على الحب مثل زوجة "لابتيف"، فلتعلم أن الحقيقة المنشودة مراوغة كسراب لا ينمحي من العيون، لكن عليك أولاً أن تتوقف عن مداعبة نفسك بأحلام الزواج البرجوازية الخادعة.

السبت، نوفمبر 05، 2011

مشهد تراجيدي: واحد صفر للآلهة


فليطمئن الجميع، هذه هي النهاية كما نعرفها رسميًا.

لا أسمع الآن إلا صفير رياح المغادرة، لا يجدي ندم، ولا يصلح رجاء، كنت موقنًا أن دورة شريط الأيام السعيدة ستتوقف وتستبدل يومًا ما. أقف عند بوابات الخروج وأرى العالم يحترق في زجاج عينيها الواسعتين. أتسلل خارجًا مثلما دخلت متسللاً، لا كرامة في الخروج، بل الخزي، كل الخزي.

الجمعة، نوفمبر 04، 2011

ولا أبلغ إليكِ سبيلاً

بالأمل أو دونه، أسير مثل أعمى يقوده أعمى، مثل مسيح يمشي طريق آلالام من جديد. فليتني كنت شجرة لبخ تزين الشارع العمومي.. لا لسببٍ معلومٍ.. إلا لأن لوعة الشوق لا تشغل أفئدة الأشجار.

الأربعاء، نوفمبر 02، 2011

خمس دقائق برفقة كايت

في الثالثة وخمس دقائق، توقفت كايت عند ناصية شارع عدلي في ميدان الأوبرا، أصابها شلل مؤقت، فقد انفرط عُقد كل الأشياء داخلها.

قبل خمس دقائق فقط من حدوث هذه الفوضى، كانت كايت تضحك من ارتباك صديقها المصري الخجول عند رؤيته لملابسها القصيرة الخفيفة، تضحك من معاكسة شباب وسط البلد المتسكعين وأصحاب المحلات، تضحك من طلب صديقها أن يعود معها إلى الفندق حتى تبدل ملابسها الملفتة.

لكن عندما وصلت كايت إلى حافة الرصيف، نظرت يمينًا ويسارًا في اضطراب ودهشة، كأنها فقدت ذاكرتها تمامًا، أو استيقظت من حلمٍ جميل في منزلها لتجد نفسها في هذا البلد الغريب فجأة. شعرت بخوف هائل وأصبحت على وشك الإنهيار، ارتعش جسدها كله بعنف، ولم تدرِ ماذا عليها أن تفعل أو أين عليها أن تذهب.

في اللحظة التالية عاد كل شئ إليها كأنها حقنت بالحياة في قلبها مرة واحدة، وأحست بغربة مميتة وانسلاخ كامل عن الزمان والمكان، أرادت أن تعود إلى بلادها في الحال، ثم أدركت كم هذا صعبًا الآن، نظرت إلى صديقها المصري الذي كان يحدثها بلغة لم تعد تفهم منها حرفًا نظرة طويلة تنضح بالسم الذي يسري في أوردتها، وفكرت في الإنتحار في غرفة الفندق.

عند تمام الثالثة والنصف، كان صديقها المصري يركب عربة المترو المزدحمة عائدًا إلى منزله متكدرًا من فساد موعدهما، ولم يكن يعرف أنه لن يرى كايت مرة أخرى، حيث أنها كانت تعد حقيبتها استعدادًا للسفر من جديد.

كتابة، موت، وألعاب أخرى

أكتب هذى الأيام حتى لا أغرس سكين المطبخ كاملاً في صدري. فوحدها هذه المفاتيح، لا سواها، قادرة على تسكين هذا الألم الذي يعتصر شمالي، لكنني في الحقيقة لا أشتهي الكتابة، ولا الكتابة تشتهي ولد خائب مثلي، ولولا أن الله أبدلني عن البكاء بوحيٍ كريم يفصد دمي الأسود على الصفحات البيضاء، لظللت حتى اليوم أصرخ مستجيرًا، "أريد بكائي يا الله".

يتساءل نيتشه في كتابه "المعرفة المبهجة": "ألم تكن الفلسفة دائمًا وإلى يومنا هذا شرحًا وتأويلاً للجسد"، بلى، والكتابة أيضًا. عندما أقرأ الفردوس المفقود لمليتون أو المحاكمة لكافكا أو الإخوة كارامازوف لدوستويفسكي، أجد أن هناك العديد من الروايات والأشعار لكتاب كلل المرض والفقد والحرمان حياتهم فأتخذوا من معاناتهم ذخيرة بندقية يفتحون نيرانها على شقاء العالم.

ولأن كل الحروف رسائل وإن لم يكتب فوقها اسم الراسل واسم المرسل إليه. أقول أن الراسل لم يكن يريد أن يكتب، فقد كان بوسع المرسل إليه أن يخلصه من عناءها. فلتحل عليه يا عزيزتي رحمة الله وعلى الكتابة أيضًا.

الثلاثاء، نوفمبر 01، 2011

صرت بعيدًا

لا معنى أن أحبك ولا أكون جديرًا بحُبك.
ومن أجل ذلك سأغدو حسونًا حقيقيُا كما وعدت، أكثر جمالاً من الكناري .. أو أدنى قليلاً. أصفق لشروق الشمس بجناحين أنيقين، وأحلق فوق شريط الوادي وسواحل البحر. ألتقط  حَبّ الشوفان صباحًا، وأغرد للسعادة في الحقول مساءً، وأحمل حبًا لذاتي يكفي كي أنفض به عن زغبي برودة الليالي القارصة.