الأربعاء، مارس 27، 2013

الرسائل

الرسالة الأولى: ولا مرارة لدي يا حلوتي
17‏/10‏/2011
كل ليلة أنام آملا أن نجتمع يوماً للأبد وأن ألقاكِ غدًا، مازالت حالتي سيئة، فلم أكن أعتقد أننا هكذا سننتهى سريعًا..
في الظهيرة، أبحث عن فتنة وجهك التي لا تحتمل في زينة الأخريات فلا أجده. لكن لا شيء مبهر حين أحببتك.. فقط أغواني التحديق في عينيكِ الواسعتين، في حياة أخرى ربما أحب أن أكون أنتِ. ولم يخطئ أبوكِ كثيراً حين أسماكِ، لكنه لن يعرف أبدًا أن كل الذي قدمه للدنيا هو غزال وحيد يدخن السجائر حرًا في مقاهي وسط البلد.
دعينا نأمل في أن تكون الأمور أفضل.
...
الرسالة الثانية:
27‏/10‏/2011
...
لعل قلبي المثقل بالآم متكررة توقف قبيل استيقاظي للحظة فظل يؤلمني إلى الآن، ولم أجد في عينيكِ اليوم شفاء علته، فما أسعد الحسون! قلبه العظيم خذله.
وماذا أريد أن أقول الآن؟ كل شئ .. ولا شئ.
فقط نينا سيمون تصرخ في أذني، "I intend to be independently blue"، وأنا أيضًا عقدت النيّة مثلها.
سأكون بخير لاحقًا.
...
الرسالة الثالثة:
4‏/11‏/2011
يعلم الله أني ما قصدت إلا حبك، فإذا أصابك مني أذى في أيامنا الفائتة أو طالك سوء، فلتغفري لي حماقتي وقلة حيلتي.
سأظل مدينًا لأوقاتنا السعيدة طالما حييت...
...
الرسالة الرابعة: يومية         
9‏/11‏/2011
يمر نهاري هادئًا مثل حفيف خطى متمهلة على شاطئ البحر. كلما ورد إلىَّ خاطرًا مزعجًا، أردد "المنشود هنا هو البطء"، وأسأل الله أن يهبني كفايتي من سكينته وسلامه.
باستطاعتي أن أقطع الآمال وأكف عن الإنتظار، لكنني لا أقوى على النسيان حاليًا، أذكر ما قلته قبلاً عن ضعفي: "هناك الكثير من العتمة لا أستطيع أن أبددها وحدي، فيضانات من الدموع لا أستطيع أن أبكيها وحدي، جبال من الآلام لا أستطيع أن أحملها وحدي". ثم أفكر أن كل هذا هو بعض من الأسى المطلوب لتهذيب القلب.
أحلم بيوم معتدل ومزاج لطيف يجمعنا على ضفة النيل مرةٌ أخرى.
دمتِ بخير.
...
الرسالة الخامسة: يومية أخرى
12‏/11‏/2011
في أول النهار،  أثناء ما كنت أتأمل المارة المهمومين في طريقي إلى الجامعة أردد في سري مبتهجًا "أنا بحب.. أنا بحب"، وأقول لنفسي "أنا أسعد الماشين على وجه البسيطة بحبي لها".
أصل إلى مقهى استراند في منتصف اليوم وأشعر أني بفضلك ملك على القاهرة، ملك في الدنيا.
...
أتذكر يوم أن وضعت راحة يدك على صدري، كم يبدو الآن كل هذا الأسى الذي صاحب الأيام الماضية بعيدًا للغاية.

الأربعاء، يناير 09، 2013

(!)

بالأمس القريب، حدثت فضل عن خالي المجنون، واليوم رأيت جدتي لأمي في هلوسات أحلامي!

وجدت نفسي أمشي في ردهة البيت المظلمة، كانت في الحلم أطول مما عليه في الحقيقة، وكنت أسير ببطء حذر أن أصطدم بشئ، عندما سمعت مياه تقطر عرفت أنني أعبر دورة المياه، حتى اقتربت من المطبخ، رأيت نور المطبخ الأصفر يسقط خارجًا منه على الأرض وينتشر خافتًا في ظلام الردهة، وسمعت خالتي تغني موّالاً لليلى مراد بصوتٍ دافئ حنون:

يا ساكني مطروح
جنّية في بحركم
الناس تيجي وتروح
وأنا عاشقة حيّكم

شعرت لحظتها بأنني قد اهتديت، وقفت عند عتبة المطبخ، كانت تعطي ظهرها كليًا لي ولم تعيرني انتباهًا، شاهدتها تقلب أشياءًا على نار البوتجاز وتنقل أشياءًا أخرى إلى حوض المياه دون أن تنظر إلىَّ، تركتها وأزحت الستار الفاصل بين الردهة والصالة لأجد جدتي جالسة في مكانها المعتاد أمام المدفأة،  قبّلتها وجلست إلى جانبها.
بعد قليل، رفعت رأسها إلى زاوية السقف ذو الطلاء المتآكل، شردت قليلاً وشرعت في الكلام بصوتٍ عال، كانت تحكي عن أمور مختلفة، بعضها عن خالي وإخوتها وبعضها الآخر عن الجيران وأناس لا أعرفهم، وتشكو في وسط حديثها، ثم تتوقف لتكمل حكايتها، لم تدمع عيناها أبدًا، ولم يكن صوتها منكسرًا أو حزينًا، بل كان جليًا غير متهدج، والغريب أنها لم تكن تحدثني أو تحدث جدي النائم في الغرفة المجاورة أو تحدث خالتي، بل كانت تنظر إلى زاوية السقف وتحدث نفسها كأنها تشكو إلى الله أمر الحياة والموت. 
شعرت أن وجودي بجانبها كان خاطئًا من الأساس، ولم أجد فائدة في إطالة الجلوس، قمت متحسرًا على حالها، عندما أزحت الستار عائدًا كانت خالتي واقفة خلفها تنصت إلى حديث جدتي وهي تغالب دمعها، مسحت ما سال منه على وجهها، وقالت:
- ارحمنا يا رب والطف بينا وصبرنا على البلاء.
ثم عادت مرة أخرى إلى داخل المطبخ، كنت أود أن أصرخ عاليًا، لكني وجدت صوتي منحبسًا في حلقي.