السبت، يناير 07، 2012

"حجرتان وصالة": إبراهيم أصلان يواجه الوحدة والموت

الناشر: دار الشروق
تاريخ الإصدار: 2009
التقييم: 8 / 10

عاد إبراهيم أصلان إلى الإهتمام بفنه الأول، فن القصة القصيرة، بمتتالية قصصية "منزلية" أطلق عليها "حجرتان وصالة". فمنذ أن غادر حي إمبابة الذي نشأ وكبر فيه واستقى منه أغلب قصصه وحكاياته وانتقل إلى العيش بمنطقة المقطم، لم يصدر له إلا كتابين يسرد فيهما بعضًا من سيرته الذاتية. يصور أصلان في متتاليته حياة أسرة متوسطة لا تبتعد كثيرًا عن عالمه القصصي، لكن عادية الشخصيات وبساطة الأحداث تكشف تدريجيًا عن آلام ومخاوف باطنية من الوحدة والموت.
ترسم القصص حياة "الأستاذ خليل" مع أسرته وعلاقته بأصدقائه وتغوص في نسيج مواقفه العابرة، ويعتمد أصلان في هذا الرسم على أسلوبه اللغوي الهادئ الدقيق بما يتناسب مع خصوصية التفاصيل اليومية. تصف القصص الأولى ألفة العلاقة التي تجمع خليل وزوجته بعد أن كبر بهم العمر وتزوج أبناءهم، فتترك أثرها الدافئ في الروح ببطء بالغ، ففي قصة "كان يعتقد"، لا يملك القارئ إزاء سخرية الزوجة من تكرار زوجها لكلمة "أعتقد" في أحاديثه إلا أن يبتسم، أو أن يبتسم لغرابة أحاديثهما وعبثيتها في قصة "آخر النهار"، لكن سرعان ما يواجه معه برودة الوحدة وألمها بعد وفاة زوجته وانتقاله مرة أخرى إلى حيه القديم.
تنقل القصص الأخرى بطريقة مباشرة وغير مباشرة كم هائل من الأسئلة المدهشة والمؤلمة التي لا إجابة لها، نجدها في قصة "عند مدخل المقهى" و"حاجات قديمة"، أما في قصة "زقاق جانبي" يخاطب خليل إحدى ربات البيوت قائلاً: "شوفي حضرتك، أنا ضيعت ستين سنة من عمري على الاقل وأنا عندي أسئله من هذا النوع، نفسي اسألها ولا أقدر، لأني كنت محرج، ودي مأساة يا هانم... علشان كده انا قررت من ساعة وفاة الحاجه إن أي سؤال يشغل بالي لازم اسأله على طول، وأنتي كمان، أي سؤال يشغلك اسأليه. دي نصيحتي ليكي، السؤال مش عيب أبدًا".
يتجرد أصلان في متتاليته الأخيرة من المحسنات اللفظية والتكلف في السرد لكنه يظل قادرًا على أسر القارئ بإنسانية خالصة من خلال أسلوبه السينمائي في تصوير التفاصيل البسيطة.

* كتبت هذه المقالة لمجلة سكندرية ولم يكتب لها النشر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق