الأحد، يناير 08، 2012

موعد مع الأنا بالأسفل

أحببت منذ صغري التسكع في شوارع القاهرة، لكنني تعودت على تحديد وجهتي النهائية قبل أن أبدأ تسكعي كل مرة. هذا لا يعني أنني أختار أسهل أو أقصر الطرق إليه، بل النقيض، ربما تقودني قدماي إلى الأعقد والأطول، وقد تنتهي بي إلى محطة أخرى مختلفة. وإذا كانت متعة التسكع ترتبط لدى الآخرين بألفة الطريق وطول المسافة، فإن ارتباطها بإكتشاف الجديد يجعل منها بالنسبة لي في كل جولة أمنية صعبة المنال.
يحب البعض أن يعطي تشبيهات مادية لأشياء معنوية، ربما لأن ذلك يجعل من المعنى أسهل في الفهم وأيسر في الإستدعاء. فإذا أردت أن أشبه الحياة في الشهر المنصرم فسوف أشبهها بجولة تسكع. كنت أسير عبر الأيام نحو الوحدة، أتخفف من الأحباء، أغضب بنفس مقدار افتقادي إليهم، أعزل نفسي أكثر كي أصبح جزيرة صغيرة في منتصف المحيط الهادئ، أتواصل أحيانًا مع الآخرين ثم أعود إلى شرنقتي وأحكم نسيجها. لم أكن أبحث عن السلام النفسي في طريقي إلى عزلتي الكلية، للعزلة ضجيجها وعنفها، فلا نفع للحكمة على هذه الأرض إلا بقدر ما توفره من سكينة نسبية يستأنف بعدها الصخب والفوضى. 
أعلم أن هذا الطريق الذي أمشيه الآن يؤدي إلى هاوية سحيقة، لكنني لن أسقط فيها هذه المرة من أعلى حافة ما، بل سأنحدر إليها متعمدًا مصطحبًا شياطينها معي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق